ناصر الحسني مدير
عدد المساهمات : 410 تاريخ التسجيل : 14/04/2013 العمر : 70
| موضوع: خطبة فاطمة الزهراء (ع) في نساء المهاجرين والأنصار الثلاثاء يونيو 19, 2018 9:09 am | |
| بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ خُطْبَةُ الزَّهرَاء (ع) فِي نِسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ: قَالَ سُوَيْدُ بِنْ غَفَلَةَ: لَماَّ مَرَضَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ الْمَرْضَةَ الَّتِي تُوِفِّيَتْ فِيهَا،اجْتَمَعَ إِلَيْهَا نِسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يَعُدْنَهَا فَقُلْنَ لَهَا: كَيْفَ أَصْبَحْتِ مِنْ عِلَّتَكِ يَابِنْتَ رَسُولِ اللهِ ؟ فَحَمَدَتِ اللهَ وَصَلَّتْ عَلَى أَبِيهَا رَسُولِاللهِ (ص) ثُمَّ قَالَتْ: أَصْبَحْـتُ وَاللهِ عَائِفَـةً لِدُنْيَاكُـنَّ (1)، قَالِيَةً لِرِجَالِكُـنَّ (2) ، لَفَظْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ (3)، وَشَنَئْتُهُمْ بَعْدَ أَنْسَبَرْتُهُمْ (4)، فَقُبْحاً لِفُلُولِ الْحَدِّ(5)، وَاللَّعِبِ بَعْدَ الْجِدِّ(6)، وَقَرْعِ الصَّفَاةِ، وَصَدْعِ الْقَنَاةِ(7) ، وَخَطَلِ الآرَاءِ، وَزَلَلِ الأَهْوَاءِ (8)، " لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَـلَيْهِـمْ وَفِيالْعَذَابِ هُـمْ خَالِدُونَ "(9)، لاَ جَـرَمَ لَقَـدْ قَلَّدَتْهُمْ رِبْقَتُهَا (10)، وَحَمَّلَتْهُمْ أَوْقَتُهَا (11) وَشَنَّنَتْ عَلَيْهِمْ عَارَتُهَا (12) ، فَجَدْعاً وَعَقْراً وَسُحْقاًلِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(13). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عائفةً: كارهةً. (2) قاليةً: مبغضةً: (3) لفضتهم: رميت بهم. وعجمتهـم: مضغتهـم. (4) شنئتهـم: أبغـضتهـم. وسبرتهم. عـرفت عمقهم ، أي تأمَّلتهم. (5) فلول الحد: ثلمة حدِّ السيف. (6) الجِد: بكسر الجيم ضد الهزل واللعب. (7) قرع الصفاة: ضرب الصخرة الملساء. وصدع القناة: استرخاء الرمح. وقيل: الصدع: الشق. (8) خطل الآراء: فسادها. وزلل الأهواء: إنحراف الميول والرغبات. (9) سورة المائدة آية 80 . (10) قلَّدتهم . جعلت في أعناقهم. وربقتها: حبلها. (11) حمَّلتهم أوقتها: حمَّلتهم الثقل والمسئولية. (12) شننت: أرسلت. والعار: السبة والعيب. (13) الجَدع: قطع الأنف. والعَقـر: الجـرح. والسحق: البعد. وكلَّها في مقام الدعاء عليهم.
وَيْحَـهُـمْ !! أنَّى زَحْزَحُوهَا عَنْ رَوَاسِي الرِّسَالَةِ (1) ، وَقَوَاعِدَالنُّبُـوَّةِوَالدِّلاَلَـةِ (2)، وَمَهْبِطِ الرُّوحِ الأَمِـينِ (3)، وَالطِّبِيـن بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ(4)، " أَلاَ ذَلِكَ هُو َالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ". وَمَا الَّذِي نَقَمُوا مِنْ أَبِي الْحَسَنِ ؟(5)، نَقَمُوا وَاللهِ مِنْهُ نَكِيرَ سَيْفِهِ (6)، وَقِلَّةَ مُبَالاَتِـهِ لِحَتْفِهِ (7)، وَشِدَّةَ وَطْأَتِهِ وَنَكَالَ وَقْعَتِهِ(8)، وَتَنَمُّـرَهُ فِي ذَاتِ اللهِ عَـزَّ وَجَلَّ (9) ، وَتَاللهِ لَوْ مَالُوا عَـنِالْمَحَجَّةِ اللاَّئِحَةِ ، وَزَالُوا عَنْ قَبُولِ الْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِلَرَدَّهُمْ إِلَيْهَا وَحَمَلَهُمْ عَلَيْهَا ، وَلَسَارَ بِهِمْ سَيْراً سُجُحًا(10)، لاَ يَكْلُمُ خِشَاشُهُ (11)، وَلاَ يَكِلُّ سَائـِرُهُ وَلاَ يُتَعْتِعَ رَاكِبُهُ (12)، وَلأَوْرَدَهُـمْ مَنْهَلاً نَمِـيراً (13)، صافِيا ًرَوِياًّ ، فَضْفَاضا تَطْفَحُ ضِفَّتَاهُ ، وَلاَ يَتَرَنَّقُجَانِبَاهُ(14). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) زحزحوها: نحُّوها . والرواسي: الثوابت. (2) قواعد البيت:أُسسه. (3) مهبط الروح الأمين: محل نزول جبريل عليه السلام. (4) الطبين: الحاذق الفطن العارف. (5) نقموا منه. عابوا وكرهوا. (6) نكير سيفه: لا يعرف سيفه أحداً ولا يفرِّق بين الشجاع وغيره. (7) الحتف: الهلاك. (8) وطأته: أخذته. ونكال وقعته: إصابة صدمته. (9) التنمُّر: الغضب. والمقصود في ذات الله: أي لوجه الله. (10) السير السجح: السهل الليِّن. (11) لا يكلم: لا يجرح. والخِشاش: بكسر الخاء الخيط الذي يدخل في عظم أنف البعير. (12) يتعتع راكبه: يقلق ويتحرك حركة عنيفة. (13) المنهل: محل ورود الماء. والنمير: الماء العذب السائغ النامي للجسد.(14) الروي: الكثير. والفضفاض: الواسع. تطفح: تمتلىء حتى تفيض. ضفتاه: جانباه. يترنق : يتكدَّر.
وَلأَصْدَرَهُمْ بِطَاناً (2)، وَنصَحَ لَهُمْ سِـراًّ وَإِعْـلاَناً ، وَلَمْ يَكُنْ يَتَحَلَّى مِنَ الدُّنْيَا بِطَائِلٍ(3)، وَلاَ يَحْظَى مِنْهَا بِنَائِلٍ(4) ،غَيْرَ رَيَّ النَّاهِلٍ(5) ، وَشَبْعَةِ الْكَافِلِ(6)، وَلَبَانَ لَهُمْ الزَّاهِدُ مِـنَ الرَّاغِبِ ، وَالصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ ، " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا َاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا ، فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "(7). وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلآءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ" (8). أَلاَ هَلُمَّ فَاسْمَعْ ، وَمَا عِشْتَ أَرَاكَ الدَّهْرَ عَجَباً ! وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ !!لَيْتَ شِعْرِي إِلَى أَيِّ سِنَادٍ اسْتَنَدُوا ؟ (9)، وإِلَي أَيِّعِمَادٍ اعْتَمَدُوا ؟ وَبِأَيَّةِ عُرْوَةٍ تَمَسَّكُوا ؟ وَعَلى أَيَّةِ ذُرِّيَّةٍ أَقْدَمُوا وَاحْتَنَكُوا ؟ (10)،" لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ".وبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2) بِطاناً: عِظام البطون من كثرة الشرب. (3) يتحلى: يصيب ويستفيد . والطائل: كثير الفائدة. (4) يحظى: يظفر. والنائل: العطاء. (5) الناهل: العطشان. (6) الكافل هنا:- المحتاج إلى الطعام.(7) سورة الأعراف آية 96. (8) سورة الزمر آية 51. (9) ليت شعري: ليتني علمت. والسِّناد بكسر السين ما استندت إليه من حائط أو غبره. (10) احتنكوا: استولوا.
اسْتَبْدَلُوا وَاللهِ الذُّنَابَا بِالْقَوَادِمِ(1)، وَالعَجُزَ بِالْكَاهِلِ (2) ، فَـرَغْماً لِمَعَاطِسِ قَـوْمٌ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَصُنْعًا(3) ، " أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ " وَيْحَـهُـمْ !! أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لاَ يَهِدِّيإِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " (4)، أَمَا: لَعَمْرِي ! لَقَدْ لَقَحَتْ (5)، فَنَظِرَةَ رَيْثَمَا تُنْتِجُ(6)، ثُمَّ احْتَلِبُوا مِلأَ الْقَعْبِ دَماً عَبِيطاً(7)، وَذِعَافاً مُبِيداً(8)، هُنَالِك َيَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَيَعْرِفُ التَّالُـونَ غِبَّ مَا أَسَّسَهُ الأَوَّلُونَ (9) ، ثُـمَّ طِيبُـوا عَـنْ دُنْيَاكُمْ أَنْفُسًا ، وَاطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً(11)، وَأَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِمٍ، وَسَطْوَةِ مَعْتَدٍ غَاشِمٍ(12)، وَبِهَرَجٍ شَامِلٍ(13)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الذناب: ذنب الطائر. القوادم: ريشات في مقدم الجناح. (2) العَجُز: المؤخر من كل شيء. والكاهل: ما بين الكتفين. (3) رغماً: كنايةً عن الذل. والمعاطس: جمع معطس(مكان العطسة) وهو الأنف. (4) سورة يونس آية 35. (5) لقحت: حملت. (6) فنظرةً: فمهلة. ريثما: مقدار ما. وتنتج: تلد. (7) القعب: إناء ضخم. والدم العبيط: الطري. (8) الذعاف: السم السريع الفناء. والمبيد: المهلك. (9) التالون: التابعون. والغِب: العاقبة: (10) طابت نفسه عن كذا: رضيت به غير كارهة. (11) الجأش: القلب. (12) المعتدي: الجائر. والغاشم: الظالم. (13) الهرج: الفوضى والقتل واختلاط الأمور.
وَاسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ(1)، يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيدا(2)، وَجَمْعَكُمْ حَصِيداً (3)، فَيَا حَسْرَةً لَكُمْ(4)، وَأَنىَّ بِكُمْ ؟ (5)، وَقَدْعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ(6). " أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ". قَالَ سُوَيْدُ بِنْ غَفَلَةَ: فَأَعَادَتِ النِّسَاءِ قَوْلُهَا عَلَى رِجَالِهِنَّ ، فَجَاءَ إِلَيْهَا قَوْمٌ مِنْ وُجُوهِ الْمُهَاجِرِين َوَالأَنْصَارِ مُعْتَذِرِينَ وَقَالُوا: يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ .. لَوْ كَانَ أَبوُ الْحَسَنِ ذَكَر لَنَا هَذَا الأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نُبْرِمَ الْعَهْدَ(7)، وَنُحْكِمَ الْعِقْدَ لَمَا عَدَلْنَا إِلَى غَيْرِهِ !!!. فَقَالَتْ عَلَيْهَا السَّلاَم: إِلَيْكُمْ عَنِّي ! فَلاَ عُذْرَ بَعْدَ تَعْذِيرِكُـمْ ، وَلاَ أَمْـرَ بَعْدَ تَقْصِيرِكُـمْ(8). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الإستبداد: التفرد بالشيء من غير منازع.(2) الفيء: الخراج والغنيمة. وزهيداً: قليلاً. (3) جمعكم: زرعكم. (4) الحسرة: التلهف على الشيء الفائت. (5) وأنَّى بِكُمْ: كيف يصنع بكم. (6) عميت: التبست.(7) نبرم العهد: نبايع لأبي بكر. (8) التعذير: هو التقصير ثم الإعتذار. والتقصير: التواني عن الشيء. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مصادر الخطبة: (1) السيد المرتضى علم الهُدى، المتوفى 436 هـ في كتاب: " الشَّافي " ( يروي هذه الخطبة بإسناده عن السيدة عائشة. (2) السيد بن طاووس في كتاب:" الطَّرائف " بإسناده عن الزهري عن السيدة عائشة. (3) السيخ الصَّدوق بإسناده عن زينب بنت علي بن أبي طالب. (4) ويروي بطريق آخر بإسناده عن زيد بن علي الشهيد عن عمَّتِهِ زينب بنت علي بن أبي طالب عن أُمِّها فاطمة الزهراء(ع). (5) وهكذا يروي بإسناده عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي (ع). (6) ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة يروي عن كتاب: " السَّقيفَة " تأليف أحمد بن عبد العزيز الجَوْهَري بأربعة طُرُقٍ: (أ) بإسناده عن رجال أهل البيت عن زينب بنت علي (ع). (ب) بإسناده عن الإمام جعفر الصَّادق (ع). (ج) بإسناده عن الإمام محمد الباقر (ع). (د) بإسناده عن عبد الله بن الحسن بن الحسن (ع). (7) علي بن عيسى الأربيلي في كتابه:" كَشْفُ الْغُمَّةِ " يروي عن كتاب: " السَّقيفة ". (8) المسعودي في: " مروج الذهَب " يشير إلى هذه الخُطبَة. (9) الطُّبرسي في كتاب : " الإحتجاج " (10) أحمد بن أبي طاهر في كتاب: " بلاغات النِّساءِ ". ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن كتاب: فاطمة الزهراء من المهد إلى اللَّحد للسيد/ محمد كاظم القزويني. | |
|