من شعر أبو محمد الصوري في أهل البيت عليهم السلام:
عُيُونٌ مُنِعْنَ الرُّقَادَ الْعُيُونَا
جُعِـلْنَ لِكُلِّ فُؤَادٍ فُـنُونَا
فَكُنْ لِلْمُنَى لِجَمِيعِ الْوَرَى
وَكُنْ لِمَنْ رَامَهُنَّ الْمَنُـونَا
وَقـلْبٌ تُـقَـلِّبُهُ الْحَادِثَاتِ
عَلَى مَا تَشَاءُ شِمَالاً يَمِينَا
يَصُونُ هَـوَاهُ عَنِ الْعَالَمِينَ
وَمَدْمَعُهُ يَسْتَـذِلُّ الْمَصُونَا
فَمَالِي وَكِتْمَانُ دَاءِ الْهَوَى
وَقَدْ كَانَ مَا خِفْتَهُ أَنْ يَكُونَا
وَكَانَ ابْتِدَاءُ الْهَوَى بِي مُجُونًا
فَلَمَّا تَمَكَنَ أَمْسَى جُنُونَا
وَكُنْتُ أَظُـنُ الْهَـوى هَـيِّـنًا
فَلاَقَيـْتُ مِنْهُ عَذَابًا مُهِينَا
فَلَوْ كُنْتُ شَاهِدَ يَوْمَ الْوَدَاعِ
رَأَيْتُ جُفُونًا تُـنَاجِي جُفُونَا
فَهَلْ تَرَكَ الْبَيْنَ مَنْ أَرْتَجِيهِ
مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَا ؟
سِـــوَى حُـبُّ آلَ نَبِـيِّ الْهُـــدَى
فَحُبُّهُــمُ أَمَـلَ الآمِلِينَا
هُــمُ عُــدَّتِي لِوَفَاتِي هُـــــــمُ
نَجَاتِي هُمُ الْفَوزَ لِلْفَائِزِينَا
هُــمُ مَـوْرِدَ الْحَــوْضِ لِلْوَارِدِيـنَ
وَهُـمْ عُــرْوَةُ اللهِ لِلْوَاثِـقِينَا
هُمُ عَوْنَ مَنْ طَلَبَ الصَّالِحَاتِ
فَـكُنْ بِمَحَبَّتِهِـمْ مُسْتَعِينَا
هُـمُ حُجَّـةُ اللهِ فِي أَرْضِــهِ
وَإِنْ جَحَـدَ الْحُجَّـةَ الْجَاحِـدُونَا
هُـمُ النَّاطِقُــونَ هُـمُ الصَّادِقُــونَ
وَأَنْـتُـمْ بِتَـكْذِيبِهِـمْ كَـاذِبُــونَا
هُــمُ الْوَارِثُــونَ عُـلُــومَ النَّبِــي
فَـمَا بَالُكُـمْ لَهُــمُ وَارِثُــونَا؟
حَقَدْتُـمْ عَـلَيْهِـمْ حُقُـودًا مَضَـتْ
وَأَنْتُـمْ بِأَسْيَافِهِـمْ مُسْلِمُـونَا
جَحَـدْتُـمُ مُــوَالاَةِ مَـوْلاَكُــمُ
وَيَـوْمَ (الْغَــدِيـرِ) لَهَـا مُؤْمِنُــونَا
وَأَنْتُـمْ بِمَا قَالَهُ الْمُصْطَفَى
وَمَا نَصَّ مِنْ فَضْلِهِ عَارِفُونَا
وَقُـلْـتُـمْ: رَضِـينَا بِـَمـا قُـلْتَـهُ
وَقَالَـتْ نُفُوسُكُــمُ: مَا رَضِـينَا
فَـأَيُّـكُــمُ كَـانَ أَوْلَـى بِـهَــا
وَأَثْـبَـتَ أَمْــرًا مِــنَ الطَّيِّبِـينَـا
وَأَيُّـكُـمْ كَانَ بَعْــدَ الَّنبِـي وَصِيًّـا
وَمَـنْ كَـانَ فِـيكُـمْ أَمِـينَـا
وَأَيُّـكُـــمْ نَـامَ فِي فُـــــــرْشِـــــــهِ
وَأَنْـتُــمْ لِمُهْجَتِــهِ طَالِبُــونَـا
وَمَنْ شَارَكَ الطُّهْــرَ فِي طَائِـــرٍ
وَأَنْتُــمْ بِذَاكَ لَهُ شَاهِــدُونَا
لَحَا اللهَ قَـوْمًا رَأَوْا رُشْدَكُــمْ
مُـبِـينَـا فَضَلُّـوا ضَـلاَلاً مُـبِـينَـا
وله أيضًا في أهل البيت عليهم السلام:
وَرَزَايا الْمُصْطَفَى فِي أَهْلِهِ
فَـاتِحَـاتٌ لِلــرَّزَايـَا وَخَـتَـمْ
يَا بَنِي الزَّهْرَاءِ مَاذَا اكْـتَسَبَتْ
فِيكُـمُ الأَيَّامِ مِـنَ عَـتَبٍ وَذَمْ
يَا طَــوَافًـا طَـافَ طُــوفَانٌ بِـهِ
وَحَطِيمًا بِـقَـنَـا الْخَطِّ حَطَـمْ
أَيُّ عَهْـدٍ يُرْتَجَى الْحِفْظُ لَـهُ
بَعْـدَ عَهْـِد اللهِ فِيكُـمْ وَالذِّمَــمْ
لاَ تَـسَـلَّـيْتُ وَأَنْــوَارٌ لَـكُــمْ
غَـشِيَتْهَا مِنْ بَنِي حَــرْبٍ ظُـلَــمْ
رَكِبُـوا بَحْـرَ ضَلاَلٍ سَــلِمُـوا
فِيهِ وَالإِسْلاَمُ فِيهِـمْ مَا سَـلِـمْ
ثُـمَّ صَـارَتْ سُـنَّـةٌ جَـارِيَـةٌ
كُـلُّ مَـنْ أَمْكَـنَهُ الظُّـلْـمُ ظَـلَـمْ
وَعَـجِـيـبٌ إِنَّ حَـقًّـا بِــكُــمُ
قَـامَ فِي النَّاسِ وَفِـيـكُــمْ لَمْ يَقُــمْ
وَالْوَلاَ فَهُـوَ لِمَـنْ كَانَ عَـلَى
قَوْلَ عَبْدَ الْمُحْسِنِ الصُّورِي قَـسَمْ
وَأَبِـيـكُـمْ وَالَّـذِي وَصَّــى بِـهِ
لأَبِـيـكُـمْ جَـدُّكُـمْ فِي يَـوْمِ خُـــــمْ
لَـقَـدِ احْـتَـجَّ عَـلَـى أُمَّـتِـهِ
بِالَّـذِي نَـالَـكُــمُ بَاقِـي الأُمَـــــمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون الصوري من
حسنات القرن الرابع ونوابغ رجالاته، وقد مد له البقاء إلى أوليات القرن الخامس،
جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى، كما إنه لا تعدوه رقة الغزل وشدة
الجدل، فهو عند الحجاج يدلي بحجته القويمة، وعند الوصف لا يأتي إلا بصورة
كريمة، و ديوان شعره المحتوي على خمسة آلاف بيت تقريبا الحافل بالرقائق
والحقائق يتكفل البرهنة على هذه الدعاوي، وهو نص في تشيعه كما عده (ابن
شهرآشوب) من شعراء أهل البيت المجاهرين، وما ذكرناه من بعض شعره يمثل
روحه المذهبية، وحبه لآل البيت النبوي، واعترافه بحقهم الثابت، ونبذه ما وراء
ذلك نبذا لا مرتجع إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أبو محمد الصوري وشعره في يوم (الغدير) للشيخ/ عبد الحسين الأميني.