القرآن الكريم مصدر الفكر، ومنبع التشريع والقيم ، وما جاء به القرآن الكريم فهو وحي منزل وكلام إلهيٌّ مقدَّس يُصَوِّغُ نظام الحياة ، وَيُشَخِّصُ قوانينها ، وكلُّ مُسلمٍ يعـلم أنَّ ما جاء به القرآن هـو شريعته ورسالته في الحياة وهو مُلْزَمٌ بالعمل به والسَّيْرِ على هُداه ، وقد تَحَدَّثَ القـرآن الكـريـم عـن أهـل البيت(ع) مُسْتَعْمِـلاً الأساليـب التالية:
(أ) التَّصريح باسمهم الاصطلاحي الذي أصطلح عليه القـرآن فهـو تارةً يُسَمِّيهـم (أهل البيـت) كما في آيـة التطهير وتارةً يُسَمِّيهم (القربى) كما في آية المودَّة ، وبذا نزلت آياتٌ كثيرةٌ وَضَّحَتْها السُّنَّة النَّبويَّة الشريفة وَبَيَّنَتْهَا للأُمَّةِ في حينها ، ورواها المفسـرون والرُّواة ، في كُتُبِهم وموسوعاتهم.
(ب) تسجيـل أحداث ووقائع تَخُصُّ أهل البيت(ع) ونزول آياتٌ كثيـرة تتحدث عن فضلهم ومقامهـم، وتُثني عليهم، وتوجِّه الأُمَّة نحوهم ، مجتمعين تارةً في آية المباهلة وآية
الإطعـام فـي ســورة الدهـر وغيرها ومتفـرقين كما في آية الولاية قال الله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، الَّذِين َيُقِيمُونَ الصَّـلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ".
وسنعـرض لبعض هذه الآيات وهي كثيرة التي تحدَّثت عن أهل البيت(ع) لبيان فضلهم ومقامهم بشيء مـن التفصيل والتوضيح.
(1) أهل البيت في آية التطهير:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى: " إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ". (سورة الأحزاب : 33) إن نزول هذه الآية المباركة في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السَّلام من أوضح الأمور لمن تتبع كُتبِ الحديث والتفسير، يقول ابـن حجـر في هـذا الصدد: إن أكثر المفسرين قالوا:على أنها نزلت في: (علي وفاطمة والحسن والحسين) عليهما السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( الصواعق المحرقة / لابن حجر ص143)
وأقرب الأدلـة وأوضحها فيما جاء في تفسير هـذه الآية من روايات عُرفت عند أصحاب الحديث، بحديث الكساء:
(أ) روى الحاكم في كتابه: (المستدرك على الصحيحين) في الحديث: عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أنه قال: لمَّا نظـر رسـول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة هابطة قال:
( ادعوا لي، ادعوا لي ) فقالت صَفِيَّة: من يا رسول الله ؟ قال:" أهل بيتي علي وفاطمة والحسن والحسين " فجيء بهم، فألقى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم كساءه ، ثم رفع يده ثم قال: " اللهم هؤلاء آلي فَصَلِّ على محمَّد وآل محمَّد " وأنزل الله عز وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً " قال الحاكم:
هذا حديث صحيح الإسناد.(مستدرك الحاكم ج3 ص197– 198)
ب ـ وروى الحاكم مثله عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت " إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّـرَكُم تَطهِيراً " فأرسل رسـول الله صلى الله عـليه وسلم إلى (علي وفاطمة والحسن والحسين) فقال: (هؤلاء أهل بيتي). ثم قال الحاكـم: هذ اصحيح على شرط البخاري ، ورواه في موضع آخـر عـن وائلـة وقال: صحيح عـلى شرطيهما (أي البخاري ومسلم).
ج _ ورواه مسلم في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عـنها قالت: خرج رسـول الله صلى الله عليه وسـلـم غـداة عـليه مِرْطٌ مرجل من شعر أسـود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: إِنَّمَا يُـرِيـدُ الله ُ لِيُذهِـبَ عَـنكُـمُ الرِّجـْسَ أَهـلَ البَيـتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً ."
ومـن أوضح الروايات في هذا الباب في تعيين أهل البيـت دون غـيرهم مـن أزواج النبـي صلى الله عـليه وسلم ما نقله السيوطي في كتاب:الدر المنـذور ج5 ص 198) عـن ابـن مـردويه عـن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت: نزلت هـذه الآية في بيتي "إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً " وفي البيت سبعـة: (رسـول الله وجبرائيل وميكائيل و(علي وفاطمة والحسن والحسين) وأنا على باب البيت ، قلت يا رسول الله ! ألست من أهـل البيـت ؟ قال: إنَّـكِ عـلى خير ، إنَّكِ مـن أزواج النبي.
وفي رواية الحاكم في كتاب: (المستدرك) ، قالت أم سلمة: يا رسـول الله ! ما أنا مـن أهل البيـت ؟ قال: إنك على خير، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهل بيتي أحق".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(مستدرك الحاكم ج2 ص 416، تفسير الآية 33 من سورة الأحزاب)
وفي روايـة أحمد بن حنبل ، فـرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: " إنَّكِ عَلَى خَيْرٍ".(مسند أحمد ج3 ص292 ـ 323)
كل هذا ثبت أن أهل البيت هم أصحاب الكساء بأوضح العبارات وأصرح الألفاظ ، فيكونون بذالك ثقل القرآن الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين بالتَّمَسُّكِ بهم كما سيأتي لاحقًا.
فقد روى الطبراني عن أبي الحمراء ولفظـه: رأيت رسـول الله (ص) يأتي على باب (علي وفاطمة) ستـة أشهر فيقول: " إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُلِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً ".
وذكر الفخر الرازي في(التفسير الكبير) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول الآية الكريمـة: وَأْمُـرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا." (سورة طه الآية :132) كان يذهب إلى دار (علي وفاطمة) كل صباح ويقول:) الصلاة ، الصلاة ، يا أهل البيت ) ويفعل ذالك شهرًا.
وجاء في حديث حمَّاد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس رضي الله عـنه قال: أن النبي (ص) كان يمـر ببيت فاطمة ستة أشهر كلما خرج إلى الصلاة، فيقول:الصلاة أهل البيت " إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُلِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً ".
وفي ذالك إيضاح ودلالة على عناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا البيت النبوي الكريم، وتأكيده للمسلمين أنهـم هـم أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيرًا، بعد أن خاطبه الله جل وعلا بقوله: وَأْمُـرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ".
وواضح من دلالة الآية: " إِنمَّاَ يُرِيـدُ الله ُلِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً "واستعمالها للفظ المذكر دون المؤنث(عَنكُمْ و(يُطَهِّرَكُمْ) دلالة على أنَّ المقصود هم هؤلاء الخمسة: (محمَّد صلى الله عليه وآله وسلَّم ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام) (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع الأصول ج9ص156 ، نقله عن صحيح (الترمذي) ، وقد رواه (أي الترمذي) عن أنس بن مالك قال: أن رسول الله (ص) كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية يقول: الصلاة أهل البيت " إِنمَّاَ يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً " ستة أشهر . ورواه أيضًا الحاكم في كتاب:(المستدرك) ج3 ص158وصححه.
فقد وردفي التفاسير لو أنه أراد نساء النبي لاستعمل كلمة (عَنْكُنَّ ، طَهَّرَكُنَّ) وخاطبهن بخطاب المـؤنث.
إن هذه الآية ترسم طريقًا واسع الدلالة والمحتوى ،وتلفت نظرنا إلى حقائق أساسية في الحياة الإسلاميـة، لئلاَّ يضطـرب علينا الفهـم ، وتضيع المقاصـد الحَقَّـةِ لكتاب الله، الذي أراد أن يبني الأُمَّةَ على أساس الطُّهْــرِ والابتعاد عـن الرجس والرَّذيلة ، وجعل أهل البيـت هـم المحور والمنار في هذا البناء، فليس في المسلمين من يشهد له القرآن بهذا الوصف ، وليس فيهم من خاطبه رسول الله (ص) بهذه الصِّفة ، صِفَةِ الطَّهَارة الْمُطْلَقَة ِ، والْبُعْدِ عن الذنوب والآثام سِوى أهل البيت عليهم السلام.
إن شرف الانتماء لأهل البيت لم يَدَّعَهُ أحد من أقارب رسـول الله ، ولا زوجاته وإلاَّ لحدثنا التاريخ بذالك ، فلا يوجـد في التاريخ ولا الحديث أنَّ زوجات النبي (ص) احْتَجَجْنَ بهذه الآية.
يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: " إنَّ الله عز وجل فضَّلنا أهل البيت، وكيف لا يكون كذالك، والله عزَّ وجل يقول في كتابه: " إِنَّمَا يُرِيدُ الله ُ لِيُذهِبَ عَنكُـمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّـرَكُمْ تَطهِيراً " فقد طَهَـرَنَا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، فنحن على منهاج الحق. *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*فضل آل البيت/ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي ص21.
وقال ابنه الحسن عليه السلام: " أيها الناس فمـن عـرفني فقـد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب ، وأنا ابن النذير البشيـر ، الداعي إلى الله بإذنه
والسراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل ويصعد، وأنا من أهل البيت الـذين أذهب الله عنهم الرجس وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرا ".
وفي ذالك يقول الشاعر:*
فَأَكْرِمْ بهِمْ مِنْ آلِ بَيْتٍ مُشَرَّفٍ
مِنَ الرِّجْسِ وَالآثاَمِ نَصاًّ مُطَهّر
أَتَى مَدْحُهُمْ فِي الذِّكْرِ فِي غَيْرِ آيَةٍ
مَدَى الدَّهْرُ يُتْلَى فِي الْكِتاَبِ وَيُسْطَرُ
نجَاةٌ لَناَ أَمْنٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَـةٌ
وَمَنْ أَمَّهُمْ بِالجُودِ يَحْظَى وَيَظْفَرُ
وَحُبُّهُـمُ فَـــرْضٌ عَلَيْناَ مُحَتَّــمٌ
بِهِ اللهُ أَوْصَـى والنَّبِيُّ الْمُنَوَّرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ديوان جعفر الصادق الميرغني السوداني.
(2) أهل البيت في آية المباهلة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما جادل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عُلَمَاء النصارى بالتي هي أحسن، لم يجد منهم إلا الكفر والجحود والعصيان، ولم يجد هناك سبيل سوى الابتهال،وهو أن يدعو كل واحد منهم بما عنده، ويجعلوا لعنة الله على الكاذبين، فحينها جاء الأمـر الإلهي بقوله تعالى: " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الِعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُـمْ ، وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُـمْ ، وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ ، فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبٍينَ ". ( سورة آل عمران الآية:61).
وعندها استجاب القساوسة إلى عرض الرَّسول عليه الصلاة والسلام حتى تكون المعركة حاسمـة بينهم ، فجمع القساوسة خواصَّهم استعدادًا لهذا اليوم، وعندما جاء الموعد واحتشدت الجماهير وتقدَّم النصارى وهـم يعتقـدون بأنَّ الرسـول سـوف يخرج إليهـم بجمع مــن الصحابة ونساءه ، عندها ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتقدم بخطوات ثابتة ، مع كوكبة صغيرة من أهل البيت ، الحسن على يمينه والحسين على شمالـه، وعلي وفاطمـة خلفـه، وعـنـدما رأى النصارى هذه الْوُجُوه المشرقة ارتعدوا خوفًا فالتفتواجميعًا إلى الأسقف زعيمهم وقالوا: يا أبا حارثـة ما ذاترى في الأمـر ؟
فأجابهـم الأسقف: أرى وجوهًا لو سأل الله بها أحدًا أنْ يُزِيلَ جبلاً من مكانه لأزاله.
فازدادت دهشتهم ، وعندما أحسَّ الأسقف ذالك منهم قال: أفلا تنظرون محمدًا رافعًا يديه ينظر ما تجيبان به ؟ وحقُّ المسيح إذا نطق فوهه بكلمة لا نرجع إلى أهل ولا مالٍ.
( الدر المنثور للسيوطي ج2)
وحين ذاك قرروا التراجع وتـرْكِ المباهلة، ورضوا بالذُّلِّ ودفع الجزية.
ولكن لماذا أحضر الرسول صلى الله عليه آله وسلم هؤلاء الخمسة فقط ، ولم يحضر أصحابه وزوجاته ؟
والإجابـة عـلى ذالك بكلمة وهي: أنَّ أهل البيـت هـم أوجه الخَلْقِ بعد الرَّسول عند الله وأكثرهم نقاءً وتطهيرًا ، ولم تُتِحْ لغيرهم هذه الصِّفات التي أثبتها الله لأهل البيت في آية التطهير ، ولذالك نَجِدُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تطبيق هذه الآية كيف يلفت
أنظار الأُمَّة لمنزلة أهل البيت ، فيفسِّـرُ قوله تعالى: (أبناءنا) بالحسـن والحسـين ، و(نساءنا) بالسيـدة فاطمة،
و(أنفسنا) بعلي بن أبي طالب عليه السلام، وذالك لأن الإمام لا يدخل ضمـن النساء ولا ضمـن الأبناء فينحصر دخوله في كلمة أنفسنا ، ويؤيد ذالك قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: " أَنَا وَعَلِي مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَسَائِرُ النَّاسِ من شجر شتى ".
فإذا كان الإمام (علي) هو نفس الرسول فيكون له ما للرَّسول من قيادةٍ وولايةٍ على المسلمين إلاَّ منزلة واحدة وهي منزلة النُّبُوَّة كما عبَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "يا علي أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاَّ أنَّهُ لا نبيَّ بعدي. " (صحيح البخاري ومسلم)
(3) أهل البيت في آية المودَّة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى: " قُلْ لاَ أَسْأَلُكُـمْ عَلَيْهِ أَجْــرًا إِلاَّ الْمَـوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ". ( سورة الشورى آية 23) وقـد أوضح الرسـول الكـريم (ص) مـن هــم المعنيون بهـذه الآيـة المباركـة ومـن هـم الذين وجـب حبهـم وطاعتهم ، والسير على نهجهم.
روى المحدثون والمفسرون وأهل السير أن قربى النبي (ص) المقصودون في هذه الآية هم: (علي وفاطمة والحسن والحسين)عليهم السلام .
قال الزمخشري في تفسيره (الكشَّاف) ما نصه:
" أروي أنه اجتمع المشركون في مجتمع لهم فقال بعضهم لبعض: أترون محمدًا يسأل على ما يتعاطاه أجرًا ؟ فنزلت الآية: (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ".
ثم قال الزمخشري: " وروي أنها لماَّ نزلت قيل:يا رسـول الله مـن قـرابتك الذين وجبـت عـلينا مودَّتهـم ؟ قال: (علي وفاطمة وأبناءهما، أي (الحسن والحسين.)
وفي مسند أحمد بن حنبل بإسناده عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لماَّ نـزل قوله تعالى: " قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى "
قالوا: يا رسـول الله ! مـن قـرابتك الذين وجبـت علينا مودتهم ؟ قال: (علي وفاطمة وأبناءهما(.
وثبَّت الفخر الرازي في (التفسير الكبير) بعد أن ذكر قول الزمخشري (صاحب الكشَّاف) في آل محمد عليهم الصلاة والسلام ما نصه: " وأنا أقول آل محمد هـم الذين يؤول أمـرهم إليه ، فكل من كان أمرهم إليه أشدُّ وأكمل ، كانوا هم) الآل)، ولا شكَّ أن (فاطمة وعليَّا والحسن والحسين) كان التعلُّق بينهم وبين رسول الله (ص) أشدُّ التعلُّقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم) الآل). ( الفخر الرازي في(التفسير الكبير ) تفسير سورة الشورى الآية: 2.
لذالك ثَبَتَ أن هؤلاء الأربعة هم أقارب النبي (ص) وإذا ثَبَتَ هـذا وجب أن يكونـوا مخصوصين بمزيد التَّعظيم ، ويدلُّ عليه وجوه:الأول : قوله تعالى: " إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" ووجه الاستدلال به ما سبق .
الثاني: أن النبي (ص) كان يحب فاطمة رضي الله عـنها لقوله:(فاطمة بضعةً منِّي ، يؤذيني ما يؤذيها).
كما ثَبَتَ بالنقل المتواتر عن رسول الله (ص) أنَّهُ كان يُحِبُّ عليَّا والحسن والحسين عليهم السلام، وإذا ثَبَتَ ذالك وجب على كل الأُمَّةِ مثله لقوله تعالى: " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّون اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ." (آل عمران الآية :31).
الثالث: إن الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذالك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة ، وهو قوله: " اللَّهم صَلِّ على محمد وآل محمد " وهذا التعظيم لم يوجد في حقِّ غير(الآل) فكل ذالك يدل على أن حب آل محمد (ص) واجب . (انتهى قول الفخر الرازي) ونقل الطبري عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال:لماَّ نزلت: " قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " قالوا: يا رسـول الله ! مـن قرابتك الـذين وجبت علينا مودَّتهم ؟ قال: (علي وفاطمة وأبناهما) أخرجه أحمد بن حنبل في المناقب.
وأخرج ابن المنذر، وابن حاتم، وابن مردويه، والطبري، في (المعجم الكبير ) عن ابن عباَّس قال: لماّ نزلت:َ " قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى "قالوا: يا رسـول الله ! من قرابتك هـؤلاء الذين وجبت علينا مودَّتهم ؟ قال: (علي وفاطمة وولداهما). (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي / طبعة :مؤسسة الوفاء – بيروت
1404 هـ ص8 ورواه السيوطي في (الدر المنثور ) ج6 ص7 عن طريق سعيد
بن جبير عن ابن عباس، وأخرجه الطبراني في (المعجم الكبير ) مسند الإمام
الحسن ج1 ص125 ، ونقله عن الطبراني الهيثمي في (مجمع الزوائد ج9
ص168 ، كما ذكر الحديث الطبري في (ذخائره) ص25 ، وقال : أخرجه أحمد
في (المناقب ) ، كما نقله ابن الصبَّاغ المالكي عن البنوي مرفوعًا بسنده عن ابن
عباس ص29 ، وذكره القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن برواية سعيد
بن جبير عن ابن عباس ج16 ص21 ،22.
في آيـة التطهير ثبَّت القـرآن طهارة أهل البيـت ونقاءهم وَأفْهَمَ الأُمَّةَ عن طريق إثبات هذا التَّطهير قيمتهم ، ودورهم الرِّسالي في حياتها ، وبهذا استحقُّوا المودَّة والإخلاص اللَّذَيْنِ أمر بهما القرآن الكريم في هـذه الآيـة الشـريفة ، ولا يعـني القـرآن بهـذه المـودَّة الارتباط العاطفي، والحب القلبي فقط، فلا قيمة للحب والـود الـذي يعيش في النفس والوجـدان ، ولا يجـد له المصاديق والتَّحقق.
وتحقيق الحب والود لذوي القربى ، قربى الرسول على نبينا الصلاة والسلام وعلى آل بيته السلام يكون في الاقتداء بهم ، والسير على منهجهم، والالتزام بمدرستهم، وما صدر عنهم، ووضعهم في الأُمَّة موضع القُدوة والرِّيادة .
ولولا ضمان الاستقامة في أهل البيت(ع) والقدرة على قيادة الأُمَّة في طريق الهُدى ، وضمان ذالك لِمَا نزلبـه القـرآن ، ولِمَا أَمَرَ الرَّسـول (ص) بأن يجعـل حـقَّـهُ عـلى الأُمَّة وُدِّ أهل البيت عليهم سلام الله.
إنَّ هذا النَّص القرآني يُعَرِّفَنا بضرورة الالتزام بأهل البيت ، والاقتداء بهم لضمان الطَّهارة والاستقامة في شخصيَّاتهـم ، فالقــرآن يـريـد بـذالك أن يوحـي لنا بالطَّمأنينة عند التَّمَسُّكِ بِحُبِّ أهل البيت (ع) والالتزام بمنهجهم ، وأخذ الإسلام عن طريقهم ، لأنَّهُمْ طريق آمنٌ مضمون الاستقامة.
وتلك الإضمامة التي أوردناها من أقوال المفسرين والرواة وأصحاب الحديث نُقِلَتْ إلينا تفسير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهـذه الآية المباركة ووضعت مودَّة أهل البيت (ع) في القلوب، وجعلتها حقيقـة تعـيش في وجدان كل مسلـم، وتتجسَّـد في سلوكه، وتظهر على مشاعــره وعـواطفه وتُحَدِّدُ مَوْقِفُهُ مِـنْ أهل البيـت ومِـنْ أعدائهـم وأحبَّائهم، وما ثبت عنهم من حديث وفقـه وتفسير وفكر وتوجيه وبيانٍ للعقيدة والشريعة ، ومنهجٍ للعمل في القيادة والسياسة.
وهذا الوسام والشـرف له مغـزاه، ودلالته الخاصة، ينبغي أن يعيه المسلمون ويدركوا عمقه.
(4) أهل البيت في آية الصلاة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى : " إِنَّ اللهَ وَمَـلاَئِكَتَـهُ يُصَلُّـون عَـلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا." (سورةالأحزاب الآية : 56).
في الآيات السابقـة تحدَّث القرآن عـن طهارة أهل البيت (ع) ومودَّتهـم وأنَّهـم أهل بيت النَّبي ، وحـدَّد المفسِّـرون هـؤلاء الأشخاص بأسمائهـم فهـم (الآل)
المقصودون: (علي وفاطمة والحسن والحسين) عليهم السلام.
وفي هذه الآية وجب الصلاة على النبي وآله الكرام ، وتخصيص لهم دون غيرهم، وتعظيمٌ لمقامهم وكرامتهم، لتعرف الأُمَّة موقعهم الرسالي.وقد سجَّل الفخر الرازي في تفسيره (الكبير) ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم في تفسيرهذه الآية المباركة فقال: سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله: كيف نُصَلِّي عليك يا رسول الله ! فقال قولوا:
" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَـلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم ،
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ".
وفي (الدر المنثور) للسيوطي أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ، وأحمد وعبد بن حميد ، والبخاري ومسلم ، وأبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه، عن كعب بن عمرة قال: قال رجل: يا رسول الله ! أمَّا السـلام عليك فقد علِمْناه ! فكيف الصلاة عليك ؟ فقال (ص): قُلْ: " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيم وَآلِ إِبْرَاهِيم ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ".
وقد أورد ثمانية عشر حديثًا غير هـذه الرواية تـدل على تشـريك آل النبي (ص) معـه في الصـلاة رواها أصحاب السنن والجوامع عن عِدَّةٍ من الصحابة منهم:ابن عباس، وطلحة، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأبو مسعود الأنصاري، وبـريدة ، وابن مسعـود ، وكعب بن عمرة وعلي بن أبي طالب أن رسول الله(ص)قال:" البخيل من ذُكِرْتُ عنده فلم يُصَلِّ عليَّ."
وهكذا يرى الفقهاء وجوب الصلاة على محمد وآل محمد ، في تشَهُّد الصلاة ، ووجوب الإتيان بذكر آل محمد في الصلاة .
إن التأمل في هذه الآية يدرك بوضوح الغاية من هذا التشريع والإلزام به هي تعظيم آل محمد (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيرا، لتقتدي الأُمَّة بهم، وتنهج نهجهم، وتفزع في الفِتَنِ والخلافات بهم.
فأولئك الذين لا تجوز الصلاة إلاَّ بالصًّلاة عليهم، هم أئمَّة الأُمَّة، وهم المشار إليهم والمضمون الاقتداء بهم، ولولا ثبوت وضمان استقامتهم ، وسلامة ما صدرعنهم لما أمر الله المسلمين على مـدى الدهـور أن يتعلَّقوا بهم ، ويصلُّوا عليهم في كل صلاة ، فإن في ذالك التكرار ، تكرار الصلاة عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وفرضها في الصلاة تأكيدًا وإلفات نظر المسلمين في كل صلاة لأهميَّة أهل البيت عليهم السلام ومنزلتهم والإقـتـداء بهــم ، والسـير على نهجهــم ، والتمسـك بمسارهم.
قال الإمام الشَّافعي:
يَا أَهْلَ بَيْتَ رَسُـولِ اللهِ حُبُّـكُمُ
فَرْضٌ من الله في القُرْآنِ أَنْزَلَهُ
كَفَاكُمُ مِـنْ عَظِيمِ الفَضْلِ أَنَّكمُ
مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ.
(4) أهل البيت في آية الإطعام:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى: " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُـمْ جَــزَاءً وَلاَ شُكُـورًا * إِنَّا نَخَافُ مِـنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَـبُوسًا قَمْطَـرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللهُ شَـرَّ ذَالِكَ اليَوْمِ وَلَقَّاهُـمْ نَظْـرَةًوَسُرُورًا *. "( سورة الدَّهر ، الآية: من8 إلى 11).
وفي هذه الآيات المباركة يتحدَّث القـرآن عـن أهل البيت ، ويضعهـم في قمة الإيثار والتقوى، وَيُعْرِضُهُمْ نماذج وقوَّةٌ للبشرية نزلت بسببها الآية المباركة تشيرإلى مقام أهل البيـت (ع) وتساميهـم في التَّطبيـق والالتزام الشَّـرعي والتَّجَرُّد الكامل لله تعالى ، وأنَّهُمْ هم الأبرار المبشَّـرون بالجنة، فمن اقتدى بهم وسار على نهجهم حُشِرَ معهم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الْمَرْءُ يُحْشَرُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ."
فقد أورد الزمخشري في تفسير هذه الآية وما نصه: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن (الحسن والحسين) مرضا فعادهما رسول الله (ص) في ناسٍ معه ، فقالوا: يا أبا الحسن ! لو نذرت على ولداك ، فنذر:(عَلِيٍّ وفاطمـة وفِضَّـة) جاريـة لهما إنْ برئا مِمَّا بهما أنْ يصوموا ثلاثة أيام ،فشفيا وما معهم شيء ، فاستقرض علي بن أبي طالب من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصْوُعٍ من شعير، فطحنت فاطمة عليها السلام صاعًا واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوه ابين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال:
( السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من مـوائد الجنـة (فآثـروه وباتوا ولم يذوقـوا إلاَّ الماء، وأصبحوا صيامًا في اليوم الثانية ، فلمَّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم ، وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذالك.
فلمَّا أصبحوا أخذ (علي) بيد (الحسن والحسين) وأقبلوا وأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم ، فلمَّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، قال:
" ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم " فقام فانطلق بهم ،فرأى (فاطمة) سلام الله عليها في محرابها ، قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها، فساءه ذالك ، فنزل جبريل وقال: خذها يا محمد ، هنأك الله في أهل بيتك ، فأقْـرَأَهُ السـورة: " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّـهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللهُ شَـرَّذَالِكَ اليَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَظْرَةً وَسُرُورًا* (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الدهر/ الآية: من8 إلى 11 ، الزمخشري في (الكشاف) تفسير سورة الدهر ، وأورد الفخر الرازي في التفسير (الكبير) نفس الرواية عن الكشاف ، كما أوردها عن الواحدي ، وروى الطبرسي في مجمع البيان نفس الرواية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصدر: أهل البيت/ مسارهم ومقامهم ومنهجهم
دار التوحيد بدولة الكويت وآخرون ...