من شعر ابن داغر الحلي في الرسول الأكرم(ص)
وأهل بيته(ع):
عرج على المصطفى يا سائق النجب
عرج على خير مبعوث وخير نبي
عـرج على السيد المبعوث من مضر
عـرج على الصادق المنعوت في الكتب
عــرج على رحمة الباري ونعمته
عرج على الأبطحي الطاهر النسب
رآه آدم نوراً بين أربعة
لألاؤها فـوق ســاق العـــرش مـن كـثـب
فقال: يا رب من هذا ؟ فقيل له
قول المحب وما في القول من ريب
هــم أوليائـي وهــم ذريــة لكمـا
فـقـــر عـينا ونفســا فيهــم وطـــــب
أمـا وحـقـهـم لـولا مكانتهــم
مـني لمـا دارت الأفــلاك بالقـطــــــب
كـلا ولا كـان مـن شمس ولا قمـــــر
ولا شــهـاب ولا افـق ولا حجــب
ولا سماء ولا أرض ولا شجــــــــر
للناس يهـمي عـليه واكـف السحــب
ولا جـنان ولا نار مؤججــــــة
جعلت أعــداءهم فيها مـن الحطــب
وقال للملأ الأعـلى: ألا أحـــــــد
ينبي بأسمائهـم صـدقا بلا كـذب
فـلم يجـيـبــوا فـأنبأ آدم بـهــم
لها بعـلـم مــن الجــبار مكـتـســــب
فقال للملأ الأعـلى: أسجــدوا كـمــلا
لآدم وأطيعــوا واتقـوا غضبي
وصير الله ذاك النور ملتمعا
في الوجه منه بوعـد منه مــرتقـب
وخـاف نـوح فـناجــى ربه فـنجــا
بهـم عـلى دسـر الألواح والخـشــب
وفي الجحيم دعا الله الخليـل بهـم
فأخمدت بعد ذاك الحر واللهب
وقد دعا الله موسى إذ هوى صعقا
بحقهـم فنجا مـن شـدة الكـرب
فـظـل مـنتـقلا والله حـافـظـــــه
عـلـى تـنقـله مـــن حـادث النـــــــوب
حتى تقـسـم في عـبـد الإله معـاً
وفي أبي طالب عـن عـبد مطلـب
فأودع الله ذاك القـسـم آمـنــة
يوما إلى أجل بالحمل مـقـترب
حتى إذا وضعته انهد من فزع
ركن الضلال ونادى الشرك بالحرب
وانـشــق أيـوان كســرى وانطفـت حــــذرا
نيرانهم وأقـر الكفـر بالغـلـب
تسـاقطــت أنجــم الأمـلاك مـؤذنـة
بالرجـم فاحـترق الأصنام باللهـــب
حتى إذا حاز سن الأربعين دعا
ربي به في لسان الوحي بالكتب
فقال: لبيك من داع وأرسله
إلى البرية مـن عـجـم ومـن عـــــــرب
فأظهر المعجزات الواضحات لهم
بالبـينات ولـم يحـذر ولم يهـــب
أراهـم الآية الكـبـرى فـواعـجبا
ما بالهم خالفوا مـن أعجب العجــب
رامــت بنـو عـمـه تبييته سحــــــــرا
فعاذ منهـم رسـول الله بالهـــرب
وبات يفــديه خــير الخلـق حـيـدرة
عـلى الفــراش وفي يمناه ذو شـطــب
فأدبروا إذ رأوا غـير الذي طلبــوا
وأوغـلوا لرســول الله في الطلــب
فرابهم عنكب في الغار إذ جعلت
تسدي وتلحم في أبرادها القـشـب
حتى إذا ردهم عنه الإله مضى
ذاك النجيب عـلى المهرية النجـب
فحـل دار رجال بايعـــــوه عـلى
أعــداؤه فـدماء القـــوم فـي صـبـــب
في كل يوم لمولى الخلق واقعة
منه على عابدي الأوثان والصلب
يمشي إلى حربهم والله ناصره
مشي العفـرناة في غـاب القـنا السلب
في فتية كالأسود المحذرات لها
بـراثـن مـن رمـاح الخـط والقـضـــب
عـافوا المعاقل للبيض الحسان فما
معـاقل قـوم غــير البيض واليلــب
فالحق في فرح والدين في مرح
والشرك في ترح والكفر في نصب
حـتى اسـتراح نبـي الله قاضــية
بهـم وراحتهـم فـي ذلك التعـــب
يا من به أنبياء الله قد ختموا
فليس مـن بعـده في العالمين نبي
إن كنت في درجات الوحي خاتمهـم
فأنت أولهـم في أول الرتـب
قـد بشـرت بك رسـل الله في أمــم
خلت فما كنت فيما بينهم بغبي
شهدت أنك أحسنت البلاغ فما
تكون في باطل يوما بمنجــذب
حتى دعاك إلهي فاستجبت له
حبا ومن يدعه المحبوب يستجـب
وقد نصبت لهم في دينهم خـلفـاً
وكان بعـدك فيهـم خـير مـنتـصـــب
ويقول أيضاً في الرسول الأكرم(ص):
يا راكب الهوجل المحبوك تحمله
إلى زيارة خــير العجــم والعـــــرب
إذا قضيت فروض الحج مكتملا
ونلت إدراك ما في النفس من إرب
وزرت قــبر رسـول الله ســيدنا
وسيـد الخلـق مـن ناء ومقــترب
قف موقفي ثم سلم لي عـليه معا
حـتى كأني ذاك اليوم لـم أغـــب
واثـن السـلام إلى أهـل البقـيع فـلي
بهـا أحبة صــب دائـم الوصــب
وبثهم صبوتي طول الزمان لهم
وقـل بدمع عـلى الخدين منسكـب
يا قدوة الخلق في علم وفي عمل
وأطهر الخلق في أصل وفي نسـب
وصلـت حـبـل رجـائي في حـبائلكـم
كما تعلق في أسبابكـم سـببي
دنوت في الدين منكم والوداد فلو
لا دان لم يدن مـن أحسابكم حسبي
مديحكم مكسبي والدين مكتسبي
ما عشت والظن في معروفكم نشبي
فإن عـدتـني الليالي عـن زيارتكـم
فإن قـلبي عـنكم غــير منقـلــب
قد سيط لحمي وعظمي في محبتكم
وحبكم قد جرى في المخ والعـصـب
هجري وبغضي لمن عاداكم ولكم
صدقي وحبي وفي مدحي لكم طربي
فتارة أنظــم الأشـعـار ممتـدحا
وتارة أنـثر الأقــوال فـي الخطــب
حتى جعلت مقال الضد من شبه
إذا صغت فيكم قريض القول من ذهب
أعملت في مدحكم فكري فعلمني
نظم المديح وأوصاني بـذاك أبـي
فهل أنال مفازا في شفاعـتكـم
مما احتقبـت له في سـائـر الحـقــب؟
فيا مغامس! أحبس في مدائحهم
تلك القـوافي وأجــر الله فاحـتسب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الشيخ مغامس بن داغـــر الحلي، طفح بذكر المغامس في حب آل
الله صلى الله عليهم غير واحد من المعاجم المتأخرة كالحصون المنيعة
للعلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء ، والطليعة للعلامة السماوي ،
والبابليات للخطيب اليعقوبي، وذكر شطرا من شعره شيخنا فخر الدين
الطريحي في المنتخب،والأديب الاصبهاني في التحفة الناصرية، وتضمن
غير واحد من المجاميع قريظه المتدفق بمدح أهل بيت الوحي أئمة
الهدى و رثائهم صلوات الله عليهم حتى جمع منها الشيخ السماوي
ديوانا باسم المترجم يربو على ألف وثلثمائة وخمسين بيتا ولعل التالف
منها أكثر وأكثر.فهو من شعراء أهل البيت المكثرين المتفانين في حبهم
وولائهم غير أن الدهر أنسى ذكره الخالد، ولعل هذا الانقطاع عن غيرهم
عليهم السلام هو الذي قطع إطراد ذكره في جملة من الموسوعات أو
المعاجم لمن لا يألف إلى ودهم كما فعلوا ذلك بالنسبة إلى كثيرين من
أمثال المترجم فتركوا ذكره أو أثبتوه بصورة مصغرة، وعندهم مكبرات
لذكريات أناس هم دون أولئك في الفضيلة والأدب، وكم للتاريخ من جنايات
في الخفض والرفع، والجر والنصب، لا تستقصى؟.
كان الشيخ مغامس من إحدى القبائل العربية في ضواحي الحلة الفيحاء،
فهبطها للدراسة، ولم يبارحها حتى قضى بها نحبه شاعرا خطيبا، في
أواسط القرن التاسع ويعرب شعره عن أنه كان له شوط في مضمار
الخطابة كما كان يركض في كل حلبة من حلبات القريض قال:
فتارة أنظم الأشعار ممتدحا
وتارة أنثر الأقوال في الخطب
وكان أبوه داغر شاعرا مواليا وهو الذي علمه قرض الشعر ومرنه على
ولاء العترة الطاهرة كما يأتي في قوله:
أعملت في مدحكم فكري فعلمني
نظم المديح وأوصاني بذاك أبي
فحيى الله الوالد والولد.