من شعر أبو القاسم الصنوبري في أهل البيت:
مَا فِي الْمَنَازِل حَاجَـةٌ نُقْضِيهَا
إِلاَّ السَّــلاَمُ وَأَدْمُـــعٌ نُـذْرِيهَـا
وَتَـفَجُّــعٌ لِلْعَـيْـنِ فِيهَا حَيْـثُ لاَ
عَـيْشٌ أُوَازِيهِ بِعَـيْشِي فِيهَا
حُــبُّ النَّبِـيِّ مُحَمَّـدٍ وَوَصِيِّـــهِ
مَـعَ حُــبِّ فَاطِمَةَ وَحُــبِّ بَـنِيهَا
أَهْلُ الْكِسَاءِ الْخَمْسَةِ الْغُـرَرُ الَّتِي
يُبْنَي الْعُـلاَ بِعُلاَهُـمُ بَانِيهَا
كَـمْ نِعْـمَةٍ أَوْلَيْـتَ يَا مَـوْلاَهُمُ
فِـي حُبِّهِـمْ فَالْحَمْدُ لِلْمُــولِيهَا
إِنَّ السُّفَاهَ بِشُغْـلِ مَـدْحِي عَـنْهُـمُ
فَيَحِقُّ لِي أَنْ لاَ أَكُونَ سَفِيهَا
قُتِـلَ ابْنُ مَنْ أَوْصَي إِلَيْهِ خَيْرُ مَنْ
أَوْصَى الْوَصَايَا قَطُّ أَوْ يُوصِيهَا
رَفَــعَ النَّبِــيُّ يـَمِـينَـهُ بِيَـمِـينِـهِ
لِيَـرَى ارْتِفَاعُ يَـمِـينِـهِ رَائِيهَـا
فِي مَوْضِعٍ أَضْحَـى عَـلَيْهِ مُنَبِّهًـا
فِـيـهِ وَفِـيـهِ يُبْــدِئُ التَّـنْبِيهَا
آخَاهُ فِي «خُــمٍّ» وَنَوَّهَ بِاسْمِــهِ
لَمْ يَأْلُ فِي خَيْرٍ بِهِ تَـنْوِيهَـا
قَـدْ قَالَ: أَفْضَلُكُـمْ عَـلِيٌّ إِنَّـهُ
أَمْضَـى قَـضِيَّـتَـهُ الَّتِي يُمْضِـيهَـا
هُـوَ لِي كَهَارُونُ لِمُوسَـى حَبَّـذَا
تَشْبِيهَ هَارُونُ بِهِ تَـشْبِيـهَـا
يَـوْمَاهُ يَـوْمٌ لِلْعِـدَى يُـرْوِيهُـمُ
جَــوْرًا وَيَـوْمٌ لِلْقَـنَـى يُـرْوِيهَا
يَـسَـعُ الأَنَامُ مَثُـوبَةً وَعُـقُـوبَةً
كِلْتَاهُمَا تَمْضِي لَمَا يُمْضِيهَـا
وقال أيضًا:
آخَى حَبِيبِي حَبِيبَ اللهِ لاَ كَـذِبٌ
وَابْنَاهُ لِلْمُصْطَفَى الْمُسْتَخْلِصُ ابْنَانِ
صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ الْمُقْتَدَى بِهِمَا
وَالنَّاسُ عَـنْ ذَاكَ فِي صُمٍّ وَعُـمْيَانِ
مَا مِثْـلُ زَوْجَتِهِ أُخْــرَى يُقَاسُ بِهَا
وَلاَ يُقَاسُ عَلَى سِبْطَيْهِ سِبْطَانِ
فَمُضْمِرُ الْحُبِّ فِي نُورٍ يَخُصُّ بِهِ
وَمُضْمِرُ الْبُغْضِ مَخْصُوصٌ بِنِيرَانِ
أَلَيْسَ مَـنْ حَـلَّ مِنْهُ فِي أُخُــوَّتِهِ
مَحَلَّ هَارُونُ مِـنْ مُوسَى ابْنِ عُـمْرَانِ؟!
ويرثي فيها أمير المؤمنين وولده السبط الشهيد بقوله:
نِعْـمَ الشَّهِيدَانِ رَبُّ الْعَـرْشِ يَشْهَـدُ لِي
وَالْخَلْـقُ إِنَّهُمَا نِعْـمَ الشَّهِيـدَانِ
مَنْ ذَا يُعزِّي النَّبِيَّ الْمُصْطَفَى بِهِمَا
مَنْ ذَا يُعزِّيهِ مِـنْ قَاصٍ وَمِـنْ دَانِ؟
مَــنْ ذَا لِفَاطِمَةِ اللَّهْـفَاءَ يُـنْبِئُهَـا
عَــنْ بَعْـِلهَا وَابْنِهَا إِنْبَاءُ لَهْـفَـانِ؟
مَنْ قَابِضِ النَّفْسِ فِي الْمِحْرَابِ مُنْتَصِبًا
وَقَابِضِ النَّفْسِ فِي الْهَيْجَاءِ عَـطْشَانِ؟
ومن شعره في أهل البيت (عليهم السلام):
نَـدَبْـتُ وَنُحْـتُ بَـنِــي أَحْمَــدٍ
وَمِثْـلِيَ نَاحَ وَمِثْـلِي نَــدَبْ
بَنِي الْمُصْطَفَى الْمُرْتَضَى خَاتَمُ
النَّبِيِّيينَ وَالْمُنْخِبُ الْمُنْتَجَـبْ
لاَ سَـــرَي مَسْـــرَاهُ إِلاَّ بِـهِ
وَمَا مَسَّهُ فِي السَّـرَى مِنْ تَعَـبْ
وَلاَ الْقَـمَـــرَ انْـشَـقَّ إِلاَّ لَـهُ
لِيَقْـضِيَ مَا قَـدْ قَضَـى مِــنْ أَرَبْ
وَلاَ يَـدَّ سَبَّحَ فِيهَا الْحَصَـى
سِـوَى يَـدَهُ فِي جَمِيـعِ الْحُقُـبْ
وَفِـي تَـفْلَةٍ رَدَّ عَـيْنَ الْوَصِـي
إِلَى حَـالِ صِحَّتِهَـا إِذْ أَحَـبْ
أَخُــــوهُ وَزَوْجُ أَحَــبُّ الْــوَرَى
إِلَـيْـهِ وَمَـسْـعَـــدُهُ فِـي النُّــوَبْ
وَزَكَّــى بِخَـاتِـمِـــهِ رَاكِـعًـا
رَجَـاءَ الْمُجَـازَاةِ فِي الْمُنْـقَـلَــبْ
أَبُو حَـسَــنٍ وَحُـسَـيْنِ الَّـذَيْـنِ
كَانَا سِـــرَاجِي سِـــرَاجُ الْعَـــرَبْ
هُمَا خَـيْـرَ مَاشٍ مَـشَـــى جَـــــدَّةً
وَجَـــدًّا وَأَزْكَاهُ أُمًّا وَأَبْ
أَنِيخَا بِنَا الْعِـيسَ فِي كَـــرْبَلاَ
مَنَاخُ الْبَـلاَءِ مَنَاخُ الْكُــرَبْ
نَـشُــمُّ مُمَسِّـكَ ذَاكَ الثَّـــرَى
وَنَلْثُـمُ كَافُـورَ تِلْكَ التُّــرَبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أبو القاسم أحمد بن محمّد بن الحسن بن مرار الجزري الرقّي الضبي، المشتهر
بالصنوبري. شاعر مجيد، وشعره يجمع بين الرقة والقوة. وقد وصف شعره بالحسن
والجودة حتى قال الثعالبي: تشبيهات ابن المعتز، وأوصاف كشاجم، وروضيات
الصنوبري ; متى اجتمعت اجتمع الظرف والطرف…. الخ.
وكانت له صلة وثيقة بكشاجم، كما أنه التقى بالمتنبي.
سكن حلب، ودمشق وبها أنشد شعره.