قال عند زيارته لمقابر الشُّهَداء بالبقيع:
نَادَيْتُ سُكَّانَ الْقُبُـورِ فَأَسْكَتُوا
وَأَجَابَنِي عَنْ صَمْتِهِمْ تُرْبَ الْحَصَى
قالت: أَتـَدْرِي مَا فَعَـلْتُ بِسَاكِنِي !
مَـــزَّقْتُ لَحْمَهُــمُ وَخَـرَّقْتُ الْكَـسَا
وَحَشـَوْتُ أَعْيُنَهُمْ تُـرَابًا بَعْـدَ مَا
كَانَتْ تَأَذَّى بِالْيَسِيرِ مِنَ الْقَذَى (1)
أَمَّا الْعِظَامُ فَإنَّـنِي مَــزَّقْتُهَا
حَتَّى تَبَايَنَتِ الْمَفَاصِلُ وَالشَّـوى(2)
قَطّعـتُ ذا زادٍ مِـن هَـذا كَـذا
فَتَرَكتُها رمَماً يَطوفُ بِهـا البَـلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القذى: ما يقع في العين من شوائب صغيرة ، كيف يتاذَّى الإنسان إذا دخلت هذه
الشوائب في عينه أثناء حياته ، أمَّا في القبر تذوب مقلة العين ويحل مَحَلَّهَا التُّراب.
(2) الشَّوى: اليدان والرِّجلان والرأس ، ينسلخ منها اللَّحم ويتحلَّل وتبقى العظام والجمجمة.
وقال في القبر والحساب والحشر:
يُحَوَّلُ عَنْ قَرِيبٍ مِنْ قُصُورٍ
مُـزَخْــرَفَـةٍ عَلى بَيْـتِ التُّــرَابِ
فَـيَسْلَمَ فِيهِ مَهْجُــورًا فَـرِيـدًا
أَحَـاطَ بِـهِ شُحُــوبُ الاغْتِـرابِ
وَهَوْلُ الْحَشْرِ أَفْضَعُ كُلِّ أَمْــــرٍ
إِذَا دُعِيَ ابْنُ آدَمَ لِلْحِسَابِ
وَأَلْفَى كُلَّ صَالِحَـةٍ أَتَاهَا
وَسَـيِّئَـةٍ جَـنَاهَا فِي الْكِـتَابِ
لَقَدْ آنَ التَّزَوُّدَ إِنْ عَـقِـلْنَا
وَأَخْذُ الْحَظِّ مِنْ بَاقِي الشَّبابِ
وقال في تنبيه الغافلين عن الموت:
أَخِي قَـدْ طَالَ لَبْثُـكَ فِي الْفَسَادِ
وَبِـئْـسَ الـزَّادُ زَادُكَ لِلْمَعَــادِ
صَبَا * فِيكَ الْـفُـؤَادُ فَـلَمْ تَــزَعْـهُ
وَحِدْتَ إلى مُتَابَعَـةِ الْفُؤَادِ
وَقَادَتْكَ الْمَعَاصِي حَيْــثُ شَاءَتْ
وَأَلْفَتْكَ امْـرَءًا سَلِسَ الْقِيَادِ
لَـقَـدْ نُودِيـتَ لِلتِّــرْحَالِ فَاسْـمَــعْ
وَلاَ تَتَصَامَمَنَّ عَنِ الْمُنَادِي
كَفَاكَ مَشِيبُ رَاْسِـكَ مِـنْ نَذِيــرٍ
وَغَالَبَ لَـوْنُهُ لَـوْنَ السَّــوَادِ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* صبا: مال على الجهل .
وقال أيضاً:
أَنا اِبنُ عَلَيِّ الحبرِ مِن آلِ هاشِـم
كَفاني بِهَذا مَفخَـراً حيـنَ أَفخَـرُ
وَجَدّي رَسولُ اللَهِ أَكرَمُ مَن مَشـى
وَنَحنُ سِراجُ اللَهِ في الأَرضِ يزهرُ
وَفاطِمَـة أُمّـي سُلالَـةُ أَحـمَـدٍ
وَعَمّي يُدعى ذا الجَناحَينِ جَعفَـرُ
وَفينا كِتابُ اللَـهِ يَنـزِلُ صـــادِقـاً
وَفينا الهُدى وَالوَحيُ وَالخَيرُ يُذكَـرُ
وَنَحــنَ وُلاة الناسِ نَســقـي وُلاتنـا
بِكَأسِ رَســـولِ اللَهِ ما لَيـس َيُنكَـرُ
وَشيعَتُنا في النـاسِ أَكـرَمُ شيعَـةٍ
وَمُبغِضُنـا يَـومَ القِيامَـةِ يَخسَـــــــرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصدر: ديوان الأبرار.
وقال أيضًا:
كَـفى بِالمَــرءِ عـاراً أَن تَـــراهُ
مِـنَ الشَأنِ الرَفيعِ إِلى اِنحِطاطِ
عَلى المَذمومِ مِن فِعلٍ حَريصاً
عَلى الخَيراتِ مُنقَطِعَ النَشاطِ
يُـشـيرُ بِكَـفِّـهِ أَمـراً وَنَهيـاً
إِلى الخُــدّامِ مِـن صَـدرِ البِـسـاطِ
يَرى أَنَّ المَعازِفَ وَالمَلاهـي
مُسَبِّبَةُ الجَوازِ عَلى الصِراطِ
لَقَـد خابَ الشَـقِيُّ وَضَلَّ عَجــزاً
وَزالَ القَـلبُ مِـنهُ عَـنِ النِيـاطِ
وقال أيضاً:
وَدُنياكَ الَّتي غَـــرَّتْـكَ مِنهـا
زَخــارِفُهَـا تَصيرُ إِلى انجِذاذِ
تَـزَحـزَح عَـن مَهالِكِها بِجُهــدٍ
فَـمَـا أَصـغى إِلَـيْهَـا ذو نَـفـاذِ
لَقَـد مُـزِجَـتْ حَــلاوَتُها بِسُـمٍّ
فَـمَا كَالحَـذرِ مـِنْهَـا مِـن مَــلاذِ
عَـجِـبْـتُ لِمُعْـجَـبٍ بِنَعـيمِ دُنيا
وَمَـغـبـونٍ بِأَيّـامٍ لِــذاذِ
وَمُـؤثِـرٍ المُـقَـامَ بِأَرضِ قَـفــرٍ
عَـلى بَلَـدٍ خَـصِـيبٍ ذي رَذاذِ
وقال أيضاً:
وَلَـمْ يَمْــرُر بِهِ يَـومٌ فَظيـعٌ
أَشَــدُّ عَـلَيهِ مِـن يَـومِ الحِمـامِ
وَيَومُ الحَـشْـرِ أَفْـظَـعُ مِـنهُ هَــولاً
إِذا وَقَـفَ الخَـلائِـقُ بِالمَقـامِ
فَكَـمْ مِـن ظالِـمٍ يَـبْـقَـى ذَليـلاً
وَمَظلــومٍ تَـشَـمَّـــرَ لِلخِصـامِ
وَشَـخْـصٍ كانَ فِـي الدُنيا فَـقــيراً
تَـبَـوَّأَ مَـنزِلَ النُجُـبِ الكِــرَامِ
وَعَـفْـوُ اللَهِ أَوْسَــعُ كُـلَّ شَـيءٍ
تَعَالى اللَهُ خَــلَّاقُ الأَنـامِ
وقال أيضاً:
وَقَعْـنا فِي الْخَطايا وَالبَـلايـا
وَفِي زَمَنِ اِنْتِقَاضٍ وَاِشْـتِباهِ
تَفانى الخَــيْرُ وَالصُّـلَحَـاءُ ذَلُّـوا
وَعَــزَّ بِـذُلِّـهِـمْ أَهـلُ السَّــفَـاهِ
وَباءَ الآمِــرونَ بِكُـلِّ عُـــرْفٍ
فَما عَـنْ مُـنْكَـرٍ في الناسِ ناهِ
فَـصَـارَ الحُـــرُّ لِلمَمْـلوكِ عَـبداً
فَـمَا لِلْحُــرِّ مِـنْ قَـدْرٍ وَجـاهِ
فَهَـذا شُـغْـلُهُ طَـمَـعٌ وَجَمـعٌ
وَهَــذَا غــافِـلٌ سَــكْـــرانُ لاهِ