الأولى:
وَكُــن بَشًّا كَــريماً ذا اِنبِـسـاطٍ
وَفـيمَـن يَرتَجيـكَ جَميلَ رَأْيِ
بَعـيـداً عَـن سَماعِ الشَـــرِّ سَـمحاً
نَقِيَّ الكَفِّ عَن عَيبٍ وَثَـأيِ
مُعـيناً لِلأَرامِـلِ وَاليَـتامـى
أَمـينَ الجَـيبِ عَـن قُــربٍ وَنَأيِ
وَصـولاً غَـيرَ مُحـتَـشِــمٍ زَكِيّـاً
حَـميـدَ السَّعْيِ في إِنجَازِ وَأيِ
تَـلَـقَّ مَـواعِـظي بِقبـولِ صِــدقٍ
تَـفُـز بِالأَمنِ عِـنـدَ حُلـولِ لَأيِ
الثانية:
يا نَكَباتِ الدَهرِ دولي دولـي
وَاِقـصِـري إِن شـِئتِ أَو أَطيلي
رَمَـيتـنـي رَميَـةً لا مـقـيـلَ
بِـكُـلِّ خَـطـبٍ فـادِحٍ جَـليـلِ
وَكُـلِّ عِــبءٍ أَيَّــدٍ ثَـقـيـلِ
أَوَّلَ مـا رُزِئـتُ بِالـرَســـــــولِ
وَبَعـدُ بِالطاهِـــرَةِ البَـتـولِ
وَالوالِـدِ الـبرِّ بِنـا الوَصـولِ
وَبِالشَقيـقِ الحَسَـنِ الجَليـلِ
وَالـبَـيـتِ ذي التَأويـلِ وَالـتَـنزيلِ
وَزورنا المَعروفَ مِن جِبريلِ
فَما لَهُ في الرزءِ مِـن عَـديـلِ
ما لَكَ عَنّي اليَومَ مِن عَـدولٍ
وَحَسبِيَ الرَحمَـنُ مِن مُنيلِ
الثالثة:
أَبي عَلِيٌّ وَجَـدّي خاتَـمُ الرُسُـلِ
وَالمُرتَضونَ لِدينِ اللَهِ مِـن قَبلـي
وَاللَـهُ يَعـلَـمُ وَالقُـرآنُ يَنطُـقُـهُ
إِنَّ الَّذي بِيَدي مَـن لَيسَ يملكُ لي
ما يُـرتَجى بِاِمـرئٍ لا قائِـل عَـــذلا
وَلا يَزيغُ إِلـى قَـولٍ وَلا عَمَـلِ
وَلا يَرى خائِفاً فـي سِـرِّهِ وَجـلاً
وَلا يُحاذِرُ مِن هَـفـوٍ وَلا زَلَلِ
يا وَيحَ نَفسي مِمَّن لَيـسَ يَرحَمُهـا
أَما لَهُ في كِتابِ اللَـهِ مِن مَثَـلِ
أَما لَهُ في حَديثِ النـاسِ مُعتَبـرٌ
مِنَ العَمالِـقَـةِ العادِيَةِ الأُوَلِ
يا أَيُّها الرَجُـلُ المَغبـونُ شيمَتُـهُ
أَنّى وَرِثتَ رَسولَ اللَهِ عَن رُسُـلِ
أَأَنتَ أَولى بِـهِ مِـن آلـهِ فيمـا
ترى اِعتَلَلتَ وَما في الدينِ مِن عِلَلِ
الرابعة:
أَلَم يَنزِلِ القُــرآنُ خَلفَ بُيـوتِـنا
صَباحاً وَمِنَ الصَباحِ مَسـاءُ
يُنازِعُـني وَاللَهُ بَيني وَبَينَـهُ
يَزيدٌ وَلَيسَ الأَمرُ حَيثُ يَشاءُ
فَـيا نُصَحاءَ اللَهِ أَنتُـم وُلاتُـهُ
وَأَنـتُـم عَـلـى أَديانِـهِ أُمَـنـاءُ
بِأَيِّ كِـتـابٍ أَم بِأَيَّـةِ سُـنَّـةٍ
تَناوَلَها عَـن أَهلِهـا البُعَــداءُ
الخامسة:
إِذا الإِنـسـانُ خانَ النَـفـسَ مِنهُ
فَـمَـا يَـرجــوهُ راجٍ لِلحِـفـاظِ
وَلا وَرَعٌ لَـدَيـهِ وَلا وَفــاءٌ
وَلا الإِصغاءُ نَحــوَ الإِتِّعــاظِ
وَما زُهـدُ الفَـتى بِحَلـقِ رَأسٍ
وَلا بِلِبـاسِ أَثــوابٍ غِــلاظِ
وَلَكِـن بِالهُــدى قَــولاً وَفِـعـلاً
وَإِدمان التَجَشُّعِ في اللِحـاظِ
وَإِعـمالِ الّـَذي يُـنجـي وَيُـنْـمِـي
بِوُســعٍ وَالفِــرارُ مِـنَ الشــواظِ
السادسة:
إِغـنَ عَنِ المَخلـوقِ بِالخالِـقِ
تَسُـدُّ عَـلى الكاذِبِ وَالصـادِقِ
وَاِستَرزِقِ الرَحمَنَ مِن فَضلِهِ
فَـلَـيـسَ غَـير اللَهِ مِـن رازِقِ
مَـن ظَـنَّ أَنَّ الـنـاسَ يغنونَـهُ
فَلَيـسَ بِالرَحـمَـنِ بِالـرائِــقِ
أَو ظَــنَّ أَنَّ المالَ مِـن كَـسبِـهِ
زَلَّت بِهِ النَعـلان مِـن حالِـقِ
السابعة:
تَـبارَكَ ذو الـعُـلا وَالكِــبرِيـاءِ
تَـفَـرَّدَ بِالجَـلالِ وَبِالبَـقـاءِ
وَسَــوّى المَـوتَ بَينَ الخَلقِ طُــرًّا
وَكُـلُّهُـمُ رَهـائِـنُ لِلـفَـنـاءِ
وَدُنيانـا وَإِن مِـلْنَـا إِلَيْـهَـا
وَطالَ بِها المَتاعُ إِلى اِنقِضاءِ
أَلا إِنَّ الرُكــونَ عَـلى غُـــرورٍ
إِلى دارِ الفَنـاءِ مِـنَ الـفَـنـاءِ
وَقاطِنُها سَــريعُ الظَعــنِ عَـنهـا
وَإِن كانَ الحَريصَ عَلى الثواءِ
الثامنة:
عَظيمٌ هَولُهُ وَالنـاسُ فيـهِ
حَيارى مِثلَ مَبثـوثِ الفَــراشِ
بِهِ تَتَغَيَّـرُ الأَلـوانُ خَـوفـاً
وَتَصطَكُّ الفَرائِصُ بِاِرتِعاشِ
هُـنالِـكَ كُـلُّ ما قَدَّمـتَ يَبـدو
فَعَـيبُـكَ ظاهِرٌ وَالسِــرُّ فاشِ
تَفَقَّد نَقصَ نَفسِكَ كُـلَّ يَـومٍ
فَقَد أَودى بِها طَلَبُ المَعاشِ
أَلا لِم تَبتَغي الشَهَواتِ طَوراً
وَطَـوْراً تَكـتَسي لـينَ الرِياشِ
التاسعة:
فَـإِنَّ اللَـهَ تَــوّابٌ رَحـيـمٌ
وَلِيُّ قَـبـولِ تَـوبَةِ كُـلِّ غـاوي
أُؤَمِّـلُ أَن يُعافِـيَـنـي بِعَـفـوٍ
وَيُسخِـنَ عَـينَ إِبليسَ المُنـاوي
وَيَنفَعَني بِمَـوعِـظَتـي وَقَـولـي
وَيَنفَـعَ كُـلَّ مُستَـمِـعٍ وَراوي
ذُنـوبي قَـد كَـوَت جَنبـيّ كَـيّـا
أَلا إِنَّ الذُنوبَ هِيَ المَكـاوي
فَلَيسَ لِمَـن كَـواهُ الذَنبُ عَـمـداً
سِـوى عَفوِ المُهَيمِنِ مِن مُداوي
العاشرة:
فَما ساءَني شَيءٌ كَما ساءَني أَخي
وَلَم أَرضَ لِلَهِ الَّذي كانَ صانِعـا
وَلَكِن إِذا ما اللَهُ أَمضى قَضـاءَهُ
فَلا بُدَّ يَوماً أَن تَرى الأَمرَواقِعـا
وَلَو أَنَّني شووِرتُ فيهِ لَمـا رَأَوا
قَريبَهُم إِلّا عَـنِ الأَمـرِ شاسِعـا
وَلَم أَكُ أَرضى بِالَّذي قَد رَضَوا بِهِ
وَلَو جَمَعَت كُل إِلَـيَّ المَجامِعـا
وَلَو حُزَّ أَنفي قَبـلَ ذَلِـكَ حَـزَّةً
بِموسى لَما أَلقَيتُ لِلصُلـحِ تابِعـا
الحادي عشر:
عَـلَيكَ مِـنَ الأُمـورِ بِما يُـؤَدّي
إِلى سُـنَنِ السَـلامَةِ وَالخَـلاصِ
وَمَا تَـرْجُـو النَجاةَ بِهِ وَشِـيكـاً
وَفَـوْزاً يَـوْمَ يُؤخَـذُ بِالنَواصـي
فَـلَيْـسَ تَـنَـالُ عَـفْـوَ اللَهِ إِلّا
بِتَطْهيرِ النُفُـوسِ مِـنَ المَعَـاصي
وَبِـرِّ المُـؤْمِـنِينَ بِكُـلِّ رِفْـقٍ
وَنُصْـحٍ لِلأَدانِي وَالأَقَـاصِــي
وَإِن تَـشـدُد يَـداً بِالخَــيرِ تُفلِـح
وَإِن تَعـدِل فَما لَكَ مِنْ مَناصِ
الثاني عشر:
فَعُـقْـبَى كُـلِّ شَـيْءٍ نَحْـنُ فيـهِ
مِـنَ الجَـمْـعِ الكَثيفِ إِلى شَتاتِ
وَما حُـزْنَاهُ مِـنْ حِـلٍّ وَحُـرْمٍ
يُـوَزَّعُ في البَنـينِ وَفي البَناتِ
وَفِـيمَنْ لَـمْ نُؤَهِّلُهُـمْ بِفلـسٍ
وَقِـيمَةِ حَـبَّـةٍ قَـبْـلَ المَـمَـاتِ
وَتَـنْسَانَا الأَحِبَّةُ بَعـدَ عَـشــرٍ
وَقَـدْ صِـرْنا عِـظَاماً بالِيـاتِ
كَأَنّـا لَـمْ نُعَــاشِـرْهُـم بِـوُدٍّ
وَلَـمْ يَـكُ فِـيهِـمُ خِـلٌّ مُـــؤَاتِ
الثالث عشر:
لِكلِّ تَـفَــرُّقِ الدُّنيـا اِجتِمـاع
فَـمَا بَعْـدَ المَـنُـونِ مِنَ اِجتِمـاعِ
فِــرَاقٌ فَاصِـلٌ وَنَوى شَـطـونٌ
وَشُـغـلٌ لا يُلَـبَّـثُ لِلـوَداعِ
وَكُـلُّ أُخُـوَّةٍ لا بُـدَّ يَومـاً
وَإِن طَالَ الوِصَـالُ إِلَى اِنقِطاعِ
وَإِنَّ مَـتَاعَ ذي الدُنيـا قَـلِيـلٌ
فَـمَا يُجْـدي القَـلِيلُ مِـنَ المَتـاعِ
وَصارَ قَليلُها حَــرِجاً عَـسـيراً
تَـشَـبَّـث بَـينَ أَنيـابِ السِـبـاعِ
الرابع عشر:
هَـلِ الدُنيا وَما فِـيها جَميعـاً
سِـوى ظِلٍّ يَـزُولُ مَـعَ النَهارِ
تَفَكَّــر أَيْنَ أَصحابُ السَــرايا
وَأَربابُ الصَّـوافِـنِ وَالعِـشارِ
وَأَينَ الأَعْـظَمُـونَ يَـداً وَبَأســاً
وَأَينَ السَّابِقــونَ لِذي الْـفَـخـارِ
وَأَيْنَ القَــرْنُ بَعْـدَ القَــرْنِ مِـنهُـمْ
مِـنَ الخُـلَفَاءِ وَالشُــمِّ الكِـبـارِ
كَأَن لَـمْ يُخْـلَقوا أَوْ لَـمْ يَكونُوا
وَهَـلْ أَحَـدٌ يُصَانُ مِـنَ البَـوَارِ